إنسان.. من الصوم حيران
عجيب يا رب! خلقتني أجوع و أعطش و أحتاج للاكل.. و بعدين توصيني أصوم!!
إيه الحكمة إني أصوم وأشعر بالجوع والعطش .. أمنع نفسى عن الأكل والشرب و انا محتاج له و مينفعش اعيش من غيره؟؟
لحظة !!
أنا بأتكلم عن مين؟ طبعاً عن انسان ..
انسان يعنى مش مجرد جسد، إنسان يعنى جسد و روح، و الروح هى كمان ليها غذاها.. ليها أكلها و شربها، ليه انا دايماً بأنساها؟
بالفعل يا إلهى وصيتنى بالصوم علشان أجوع فأبحث عن كلماتك لآكلها و تغذينى، و زي الفم ما يمضغ الاكل و يستطعمه و يبلعه و يهضمه و يتحول لجزء لا ينفصل من الجسم…هكذا ياريتها تكون كلماتك لى.
فأجدني اتغذى بها “فتشبع نفسى كما من شحم ودسم” و أهضمها و تتحول لجزء من كياني.
و أجدها تحمل جسدي بعيداً عن أي إحتياج مادى ، إذ صار خفيفاً ، لم يعد منجذباً لأسفل بل يتوق لأعلى.. نسى جوعه إذ ذاق حلاوتك (ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب).
** و تزيدنى تمتعاً عندما أجد نفسى فى السماء أراك و اتفرس فى هيكلك.. و انا فى بيتك وقت صلوات القداس.. و بعدما صرتُ لا أريد شيئاً و لا أشتهى شيئاً و كأنى جالس مع القديس أغسطينوس على قمة العالم – أجدني اتقدم بنعمتك لأتناول من أسرارك.. جسدك و دمك فأثبت فيك و تملأني..
نعم أشكرك يا إلهى لحكمتك فى أن خلقتنى كائناً يأكل و يشرب و علمتنى الصوم حتى أبحث عنك تغذينى و تغنينى فأترنم متهللاً مع المرتل قائلاً “من لي في السماء و معك لا اريد شيئا في الارض” (مز25:73).
رسالة من ابونا دانيال بمناسبة بدء الصوم الكبير