جلد الذات
كيف يتعامل الإنسان مع ذاته ؟
من أخطر الأشياء التي تؤثر بالسلب على الإنسان هو شعوره بصِغر النفس، أي أنه عديم القيمة، غير مرغوب فيه، فاشل، و حتى في علاقته مع الله يشعر بعدم نموه و يتولد لديه إحساس بأنه غير صالح على الإطلاق.
عندما يصاب الإنسان ذاته بالإحباط ويتسلل لديه الشعور بالدونية و الفشل، فهو بذلك لا يُرْضِي الله.
وإذا خدع أحد نفسه و قال أن هذا هو الاتضاع، فإنه بذلك يُعَرِّض نفسه إلى حرب شرسة يستغله فيها عدو.
الخير أسوأ استغلال، فهذا ليس مفهوم الاتضاع .
وتلك الحرب تتكون من العناصر الآتية : الإنسان – عدو الخير – البيئة.
مثال
الدَّق على رأس المسمار حتى يتضاءَل ولا يظهر منه شيء، هكذا يَفعَل الشعور بصِغر النفس بالإنسان يقلل من قوة حماسته، و يُحْبِط عزيمته، و يهلك قوة و طاقات الإنسان الكامنة بداخله و يحوِّل منجمه الذهب إلى تراب في حين أن الله كَرَّم الإنسان و أعطاه قوة و سلطان و قال عنه: ” بالمجد والكرامة توَّجته وأقمته على كل شيء”(مز 8: 5) “لذَّتي في بن آدم “(ام 8: 31).
مَثَلْ الابن الضال
نحن أحيانا كثيرة نتصرف كالابن الأكبر في مَثَلْ الابن الضال الذي قال لأبيه أنه لم يُعْطِه جَدْياً ْمُسَمَّناً، و نَسِيَ أنه صاحب المنزل و ان مكانته أرفع من ذلك.
لقد تسلط الإنسان على الأرض عندما أعطاه الله السلطان على إخضاع المخلوقات ” وأعطانا السلطان أن ندوس الحيات والعقارب وكل قوات العدو”
من الأخطاء الشائعة هي الخلط بين مفهوم الاتضاع وصِغر النفس. ومن أصعب هذه الأخطاء إدخال الجانب الديني في تلك الأشياء .
الفرق بين الاتضاع والكبرياء
- الإحساس بالدونية يجعل قيمة الإنسان صفر
- الاتضاع هو أن يشعر الإنسان أن قيمته صفر، لكن بالله تكون قيمته عالية جدا وعظيمة كوضع صفر بجانب الواحد الصحيح فتكون القيمة 10
- إننا بدون المسيح لا شيء إنما مع المسيح نكون أقوياء ووجود المسيح في حياتنا يجعلنا نشعر بالاتضاع
- الأبحاث أثبتت أن أكثر ما يُزْعِج الإنسان إحساسه بأنه لا شيء.
مثال
تم إجراء بحث ميداني عن أكثر شيء يُتْعِبْ النساء فكانت إجابة 80% من النساء هي: الشعور بالدُّونِيَّة.
مَثَلْ الوَزَنَات
- صاحب الوزنة الواحدة الذي أُُلـْقِيَ في الظلمة الخارجية هو الذي دَفَنَ وزنته و لم يستثمرها وإذا تأمَّلنا قليلاً سنجد أن فِعْلـَه هذا نَتَجَ عن شعوره بالنقص و الخوف من الفشل و من سيده فلم يبذل جهداً.
- الله لا يأخذ بالنتائج على خلاف البشر أهم شيء عندهم النتائج، إنما يأخذ بمقدار الجُهد المبذول و التعب و الحب المبذول فالله يُفَضِّل الذي يأتي بنتيجة 70% عن الذي يأتي بـ 90% لأنه ينظر حسب القلب.
سمات الإنسان الذي يشعر بصغر النفس
يعاني من حساسية مفرطة من الآخرين
أمثلة
- إن لم يأخذ دور في الخدمة يشعر بالنقص. و إن أُسند إليه عمل يتنحَّى عنه خوفاً من الفشل، و يضع أخطائه على الآخرين و تكون لديه أفكار و ظنون و اتهامات للناس غير موجودة على أرض الواقع.
- أحد المشجِّعين جلس في إستاد كرة قدم فعندما شاهد الناس تشجِّع ظنَّ إنهم يتكلمون عليه! كان لديه هذا الهاجس .. كان يشعر بالاضطهاد.
- نحن ننسى أن الله أعطانا إمكانيات كثيرة و الشعور بالنقص نابع من داخلنا، لأننا نغلق الدائرة على أنفسنا مثال : بائع العصافير الذي يربط العصافير بخيوط و يعلقهم في حلقة دائرية فيقوموا بالطيران في شكل دائري، عندما قام ببيعهم بعد حَلِّهم من رباطاتهم ظلوا يطيرون في شكل دائري
- حَصْر ذاتنا في ضعفاتنا. مثال: جَرَّاح تجميل يقوم بتجميل وجوه الناس و يُغَيِّر من شكلهم، لكنهم يأتون و يقولون له أنهم لا يشعرون بالجمال أو التغيير وذلك لانطباع صُورَتهم الأولى في داخلهم. أحيانا يرسم الإنسان صورة لذاته ولا يُغَيِّرها.
- المجتمع أحيانا يُصيبنا بالإحباط و يثبت بداخلنا صورة سلبية و يعاني الكثيرين من النقد الهدَّام الذي يأخذ أحيانا طابع الاستمرار، و الذي يتكلم بشكل سلبي عن الآخرين دائما ما يتكلم إسقاطاً عن نفسه، لأنه يُلقِي بضعفه وعدم ارتياحه النفسي على الآخرين .
ماذا نفعل لنحارب الشعور بصِغر النفس ؟
1- جَدِّد طاقاتك
2- ضع لنفسك أهدافاً حتى إن لم تحققها فالنجاح يأتي بعد الفشل (احزن إن كنت بلا هدف).
أمثله عن نتائج صغر النفس
موسى النبي عندما بعث بجواسيس لأرض كنعان و شعروا بالدونية، أخَّرَهُم ذلك 38 سنة عن دخول أرض الموعد، و اتَّضَحَ ذلك في قولهم أنهم أحسُّوا أنهم جراداً، كما قالوا ” إنها أرض تأكل سكانها”( عد 13: 32). سنجد العكس عند يشوع و كالب اللذين قالا :” إنها أرض جيدة جدا جدا سيكون خيرا لنا ” (عد 14: 7)
كان لدى الأنبا بيشوي تلميذ أتى إليه عدة مرات يشكو من فشل حياته الروحية و كان ينصحه لكن عندما تكرَّر عدد مرات السؤال قال له: توقف ولا تكمل. فعندما سأله تلاميذه متعجبين لِمَا نصحه بذلك، أجاب: لأنه به روح ضعف.
الفئران أسرع من القطط و لديها إمكانيات أن تختبئ في أماكن لا تستطيع الوصول إليها. ومع ذلك تصطادها القطط و تهزمها لعدم إدراكها بقدراتها و عدم تفكيرها في إمكانيتها.
3- لابد أن تبحث عن القوة الكامنة بداخلك.
4- لابد أن تتحَلـَّى بالاتضاع الإيجابي، فحينما تنجح لابد أن تنسب الفضل لله و تقول أنا ضعيف في ذاتي لكن الله يتمجد فِيَّ . “الله لم يعطينا روح الفشل بل روح القوة و المحبة و َالنُّصْحِ” (2تي 1 : 7) – “إله السماء يعطينا النجاح و نحن عبيده نقوم و نبني”(نح 2 : 20).
5- عندما يشعر الإنسان أنه عديم القيمة يُفسده ذلك الإحساس ويُفسد علاقته بالآخرين و علاقته بالله لو كانت علاقتي بالله جيدة ستكون علاقتي مع نفسي ومع الآخرين أفضل فالشعور بالنقص والدونية ينتُج عنه خسارة دائمة تؤدي إلى إحزان النفس.
6- شعورك بقيمتك و مكانتك يزيد أمامك فرص النجاح.
7- شعورك أنك محبوب و أنك موضع محبة الله.
8- إن فقدت موهبة، ابحث عن مواهب أخرى لتقوم بأدائها.
9- الإنسان لكي يتعلم لابد أن يمارس و يتدرب على الأشياء الجديدة.
10- إن الله من صفاته أن يستخدم الضعفاء ليظهر مجده “قوتي في الضعف تُكْمَلُ” (2كو 12 : 9) ، “اختار الله جُهَّال العالم لِيُخْزِيَ الحكماء” (1كو 1 : 27). مِثْل موسى الذي كان ثقيل الفم لكنه قاد شعب بني إسرائيل.
11- الله خلق لنا عقل ومَيَّزَنا بقدرات التفكير والابتكار.
مثال: أرادوا أن يقوموا بتشريح عقل أينشتاين ليكتشفوا سر ذكائه، فوجدوا عقل بشري طبيعي مثله مثل أي شخص، و اكتشفت الأبحاث أن الإنسان الطبيعي يعيش و يموت و لا يَسْتَغِل أكثر من 4 % من قدراته.
12- الإنسان له القدرة على اكتساب مهارات جديدة و ذلك لا يَمْحِي قدراته و مهاراته القديمة. فالرأس قابلة للاستيعاب.
مثال في الدول الأوروبية رخصة مزاولة المهنة لابد أن تتجدد كل 3 سنوات بعد الخضوع لامتحان أولاً.
13- غيِّر صورتك عن ذاتك، و استغل طاقاتك الكامنة فعلم الإنسان يقول أنه لابد أن تتغير صورتك عن نفسك لكي تنجز، يقول لنا الكتاب: “لِيَقـُل الضعيف بطلٌ أنا” فالخاطئ لديه باب التوبة و المذبح و جسد و دم المسيح وغفرانه.
14- الثقة بأن الله قادر أن يغيرنا ويجعلنا أفضل.
15- تذكر عمل الله في حياتك.
16- جلسة مع النفس تستعرض فيها ايجابياتك و التفكير بشكل مبهج و إعطاء كرامة لذاتك.
17- عدم الانحصار في التجارب الفاشلة.
مثال: أحد الرجال أراد أن يصنع قناع ضد الغازات السَّامة، فخاض في تجربة الفشل أكثر من 10 مرات. و لكنه في النهاية خرج بابتكار جديد و هو قِطَع المناديل الورقية التي بها مسام تستخدم في الوقاية من الجراثيم.
18- لابد أن نُشجِّع بعضنا لا أن نشوِّه صور بعضنا البعض، فإذا قمْنا بتشجيع أصدقائنا والعاملين معنا سنكون أفضل.
عظة لأبونا أنطونيوس فهمي